إشارة إلى تباطؤ اقتصادي

أولى الأسباب التي دفعت الأسواق للتراجع أن خفض الفائدة غالباً ما يُقرأ على أنه إشارة إلى وجود تباطؤ اقتصادي أو مخاطر مستقبلية. فقرار الفدرالي لم يأتِ من فراغ، بل استند إلى مؤشرات أظهرت ضعف النمو وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد في مرحلة ركود.


التوقعات أعلى من القرار

الأسواق المالية لا تتحرك وفق القرارات فقط، بل وفق التوقعات المسبقة. وبحسب المحللين، فقد كان جزء من المستثمرين يتوقع خفضاً أكبر للفائدة، ربما بنصف نقطة مئوية أو أكثر، ما جعل القرار الفعلي أقل من المأمول. هذه "خيبة الأمل" انعكست على حركة المؤشرات فوراً.


مخاوف من التضخم

في المقابل، برزت مخاوف من أن استمرار السياسة التيسيرية قد يغذي التضخم على المدى الطويل. فبينما يستفيد المقترضون والشركات من انخفاض تكلفة التمويل، إلا أن ضخ مزيد من السيولة في الأسواق قد يرفع الأسعار ويضع ضغوطاً على القوة الشرائية للمستهلكين.


هروب نحو الأصول الآمنة

مع تزايد القلق من التضخم ومن ضعف النمو، شهدت أسواق الذهب والسندات إقبالاً متزايداً من المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة. هذا التحول في السيولة ساهم في الضغط على أسواق الأسهم، حيث فضل العديد من المتعاملين إعادة توجيه استثماراتهم بعيداً عن الأصول عالية المخاطر.


سلوك الصناديق الاستثمارية

جانب آخر يتعلق بسلوك المؤسسات الاستثمارية الكبرى وصناديق التحوط، التي قد تستغل أحداثاً كبرى مثل إعلان الفدرالي لإعادة موازنة محافظها أو جني الأرباح بعد موجات صعود سابقة. هذا السلوك يضيف طبقة إضافية من الضغوط البيعية على الأسهم.


الثقة في الفدرالي

كما أن الثقة في قدرة الفدرالي على إدارة المرحلة المقبلة لعبت دوراً محورياً. فبينما يرى البعض أن خفض الفائدة خطوة ضرورية لتحفيز الاقتصاد، يرى آخرون أن الخطوة تعكس محدودية الأدوات المتبقية لدى البنك المركزي، ما يزيد القلق حول فعاليته في مواجهة الأزمات المقبلة.


الأثر على قطاعات محددة

التأثير لم يكن متساوياً على جميع القطاعات، إذ تضررت أسهم البنوك نتيجة انخفاض العوائد المتوقعة من القروض، فيما شهدت بعض شركات التكنولوجيا تراجعاً بسبب القلق من تباطؤ الطلب العالمي. بالمقابل، أظهرت بعض القطاعات الدفاعية مثل السلع الاستهلاكية مرونة نسبية.


قرار الفدرالي بخفض الفائدة كان في ظاهره خطوة لدعم الاقتصاد والأسواق، لكنه في الواقع كشف عن هشاشة الثقة وأعاد طرح تساؤلات حول مستقبل النمو والتضخم. الأسواق، إذن، لم تنظر إلى القرار كهدية مجانية، بل قرأته في سياق أوسع يضم توقعات سلبية ومخاوف عميقة، وهو ما انعكس بوضوح على تراجع الأسهم الأميركية رغم السياسة النقدية التيسيرية.